لماذا قتلت أميركا البوطي؟

نشرت مدونة جوشوا لانديز مقالا اسمه Syrian Regime Loses Last Credible Ally among the Sunni Ulama لكاتب اسمه Thomas Pierret. هذا المقال مفيد لمن يريد أن يعرف أهمية قتل البوطي.

قتل البوطي ليس متعلقا فقط بقضية الثورة السورية. هذا تسخيف وتبسيط لقضية مقتله. قتل البوطي له أهمية استراتيجية متعلقة برؤية أميركا لمستقبل المنطقة.

باراك أوباما قال بالأمس أن إسرائيل هي دولة يهودية. نحن نعلم أن إسرائيل على أرض الواقع ليست دولة يهودية، لأن فيها نسبة من العرب، ولو رجع اللاجئون الفلسطينيون إلى بيوتهم فسيتبين أن اليهود هم أقلية في إسرائيل.

فكرة الدولة اليهودية هي فكرة أقل ما يقال فيها أنها فكرة عنصرية نازية. الأميركان يريدون أن يقوموا بنوع من التطهير العرقي ضد الفلسطينيين لكي يجعلوا من إسرائيل دولة يهودية. هذا المشروع سيواجه عقبة أخلاقية وإعلامية أمام الرأي العام العالمي. كيف يمكن للأميركان إقامة دولة يهودية في فلسطين التي غالبية سكانها من العرب المسلمين؟

الأميركان لا يستطيعون إقامة دولة يهودية إلا إذا خلقوا في المنطقة المحيطة بفلسطين ظروفا تبرر ذلك. هم عملوا بجد عبر عملائهم الخليجيين (خاصة شيخ قطر) على إيصال الإسلاميين للسلطة في مصر وغيرها، وهم كانوا قد بدؤوا هذا المشروع منذ عام 2003 عندما أوصلوا الإسلاميين الشيعة إلى الحكم في العراق بهدف خلق فتنة طائفية هناك. الآن الأميركان وصلوا إلى الجزء الأهم في مشروعهم وهو خلق الفتنة الطائفية في سورية ولبنان. إذا تم تقسيم سورية ولبنان فإن الخطوة التالية ستكون إعلان الدولة اليهودية في فلسطين، ونحن رأينا بالأمس أن أوباما استبق الأمور باكرا وأعلن الدولة اليهودية قبل حتى أن يكتمل تقسيم سورية، وكأنه يريد أن يقول أن سورية انتهت.

إذا قامت دويلات طائفية في سورية ولبنان فعندها لن يكون من الغريب إقامة دولة يهودية في فلسطين، بل بالعكس هذا سيكون أمرا طبيعيا. وقتها سوف يزول الحرج عن آل سعود وشيخ قطر وسوف يعترفون بالدولة اليهودية رسميا. الذريعة ستكون أن العراق يحكمه الشيعة ومصر يحكمها السنة والمنطقة مقسمة طائفيا، وبالتالي هل وقفت على الدولة اليهودية؟

الإسلام اليهودي الذي يمثله آل سعود وشيخ قطر يهدف إلى تبرير قيام الدولة اليهودية. هذا الإسلام الذي يرعاه الأميركان يهدف إلى تقسيم المنطقة طائفيا تمهيدا لقيام الدولة اليهودية. هذا هو الهدف الوحيد الذي يجعل أميركا تدعم هذا الفكر القذر المسمى بالفكر الوهابي.

البوطي يمثل صورة مختلفة للإسلام. صحيح أن البوطي لديه فكر متزمت ورجعي في المسائل الاجتماعية والسياسية الداخلية، ولكنه في المسائل الخارجية يمثل عقبة أمام المشروع الأميركي. البوطي رغم معارضته المبدئية لفكر النظام السوري إلا أنه في الأمور الخارجية كان ثابتا في رفض الصهيونية والإسلام الصهيوني المسمى بالوهابي.

في الآونة الأخيرة النظام السوري دعم البوطي ودعم تشكيل هيئة علماء بلاد الشام. هذه الهيئة وهذا الخط الذي يمثله البوطي يمثل تهديدا استراتيجيا لفكرة الدولة اليهودية في فلسطين. من هنا يأتي كلام Thomas Pierret الذي قال أن النظام السوري بمقتل البوطي خسر حليفه الأخير في صفوف العلماء السنة. الغربيون عادة عندما يتحدثون عن النظام السوري يقصدون أيضا المشروع القومي المناهض للمشروع الأميركي. هم لا يمكنهم أن يقولوا صراحة أنهم يعادون العرب ولذلك يستخدمون مصطلح “نظام الأسد” كبديل عن مصطلح العرب. هذه نفس السياسة التي يتبعها أيضا عملاء الأميركان في الخليج.

قتل البوطي بالنسبة لي هو جزء من مشروع الفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة. هو لا يتعلق فقط بسورية. صحيح أن من قتل البوطي على أرض الواقع هو ربما المخابرات التركية أو القطرية أو البريطانية أو السعودية أو الأردنية، ولكن المسؤول الأساسي والرئيسي هو أميركا. أميركا هي المستفيد الأول والأخير من قتل البوطي ونشر الإسلام الصهيوني المسمى بالوهابي.

رأيان حول “لماذا قتلت أميركا البوطي؟

  1. عدت الآن.. منذ الصباح مشغول بترتيب العزاء… فأحد الشهداء في المسجد هو أخ أعز صديق لي.. وهو فلسطيني، لم يغب عن أي درس من دروس البوطي رحمهما الله..

    منذ شهرين أيضاً، أخ لصديق آخر، فلسطيني أيضاً، أوقفه (أبطال) جبهة النصرة، أخذوا السيارة (لأعمالهم البطولية) وأعطوه بدلاً عنها رصاصة بالرأس وأخرى بالصدر.. أيضاً كنا على موعد للعزاء..

    أكثر ما يقهرك أخي هاني في كل ما يجري أن الخونة لا يتجرأوا على المجاهرة بفعلتهم وذلك لاتهام النظام بهكذا أعمال، تذكر أول تفجير للنصرة في الميدان، وحتى اليوم تفجير الجامع، ولا زال الكذب يستمر..

    لن أستطيع كتابة أكثر من ذلك فأنا قادم من مكان مليء بالعاطفة ولا مكان فيه لأي فكرة عقلانية..

    ولكن أقول لك أخي هاني:
    سوريا لم تقتل أي أمريكي على مدى التاريخ (ولو ثبت أن سوريا وراء تفجير المارينز في لبنان لكانوا محوا سوريا عن الخارطة)، واليوم أميركا تقتلنا، ودمنا بعنق أميركا… وكل سوري عليه أن يفعل شيء في هذا المجال.

أضف تعليق